إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
التعليقات على متن لمعة الاعتقاد
49678 مشاهدة
الكلام في البعث

ص (والبعث بعد الموت حق، وذلك حين ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور، فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ [يس: 51]. ويحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما، فيقفون في موقف القيامة، حتى يشفع فيهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم).


س 48 (أ) ما تقول في البعث بعد الموت ؟ (ب) ولماذا يكون؟ (ج) وما الصور؟ (د) وما صفة النفخ فيه؟ (هـ) وما اسم الذي ينفخ فيه؟ (و) وما صفة البعث؟ (ز) وما الأجداث؟ (ح) وكيف يحشرون؟ (ط) وما معنى غرلا بهما؟ (ي) وما الحكمة في ذلك؟ (ك) وما مدة وقوفهم؟
ج 48 (أ) نؤمن بأن الله يبعث الخلق فيحييهم بعد فنائهم، وتفرق أجزائهم، ويعيدهم خلقا جديدا، ويجمعهم في موقف القيامة، والأدلة على البعث في القرآن كثيرة، ولما كان المشركون يستبعدون ذلك احتج لذلك ببدء خلقهم، فإن الإعادة أهون، والكل هين على الله، وبإحياء الأرض بعد موتها، وبخلق السماوات والأرض مع عظمتهما، وبقدرته تعالى وعدم خروج شيء عن إرادته الكونية، وأنه إنما يقول للشيء كن فيكون، وأدلة ذلك كثيرة في القرآن، وكذلك ذكر اليوم الآخر وهول المطلع، مستوفى في الكتاب والسنة.
(ب) وقد ذكر تعالى أنه يبعث الخلق ليجازيهم بأعمالهم التي عملوها في الدنيا خيرها وشرها، وليقتص من الظالم للمظلوم.
(ج) وبين يدي ذلك النفخ في الصور وهو قرن عظيم، روي أن عظم دارة فيه كعرض السماوات والأرض.
(د) وأما صفة النفخ فهي غير معروفة للبشر، لكن ذكر في الحديث أن الأولى تكون طويلة ممدودة، وذكر أن النفخات ثلاث:
1 - نفخة الفزع قال تعالى وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [النمل: 87]، والفزع الخوف الشديد الذي يسبب الهرب ونحوه، بحيث يموج بعضهم في بعض تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ [الحج: 2].
2- نفخة الصعق قال تعالى وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [الزمر: 68]، أي ماتوا.
3- نفخة البعث قال تعالى ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر: 68]، فتخرج الأرواح إلى أجسادها.
(هـ) والملك الذي يتولى النفخ فيه هو إسرافيل عليه السلام، فهو الموكل بالنفخ في الصور.
(و) وصفة البعث غير معلومة لنا، لعدم المشاهدة، والله تعالى لا يعجزه شيء، وقد روي في بعض الأحاديث أن الله ينزل مطرا غزيرا تنبت منه الأجساد، وتتجمع أشلاؤها، ثم ترسل إليها الأرواح بعد النفخة الثالثة، ثم تشق عنهم الأرض فيخرجون مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ [يس: 51]، أي يسرعون.
(ز) والأجداث القبور والأماكن التي جمع فيها خلقهم.
(ح) وأما صفة الحشر ففي الصحيحين عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنكم محشورون حفاة عراة غرلا كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وإن أول من يكسى إبراهيم وفيهما عن عائشة قالت: يا رسول الله ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال: الأمر أعظم من أن يهمهم ذلك لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وقد قال تعالى خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ [القمر: 7 - 8].
(ط) (الغرل) غير المختونين، فالغرلة القلفة، وتقدم معنى (البهم).
(ي) والحكمة في كونهم غرلا ليكمل خلقهم، قال تعالى كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ [الأعراف: 29].
(ك) وأما وقوفهم، فقال تعالى: يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ [المطففين: 6]، وذكر في القرآن طول ذلك اليوم، وأن مقداره كألف سنة، وفي آية أخرى خمسين ألف سنة، وورد في بعض الآثار أن المؤمنين لا يحسون بطوله، وكثرت الأدلة على شدة الهول، وفظاعة ذلك اليوم، نسأل الله العافية.